إقلل العتاب إن لم تتفاداه
العتاب خطاب توجهه لمن أساء إليك فإن كانت الإساءة عمدية فيجد العتاب بعض التبرير ، و إن كانت غير عمدية فلا يجد العتاب مسوغاً له و غالباً
ما ينتج العتاب آثاراً ضارة أو نتئج سلبية إذ أن أغلب الناس لا يقرون بذنوبهم إن كانوا مذنبين و لا يرغبون بالإفصاح عن إعتذاره حينئذلا ينجم عن
العتاب ما هو متقوع من إستخدامه و إنما قد يتدهور الموقف أو تؤول الحال إلى ما لا يحمد عقباه بدلاً من أن تمر الإساءة في الذهن مروراً عابراً
دون غصة أو ضجة ، فبعض الأنفس من النبل بحيث يجدي معها العتاب إما غالبية الأنفس فيثير العتاب فيها مشاعر عداوة لم تثرها الإساءة الأولى
و قد يكون المسيء حسن النية أو جاهلاً لحقيقة إساءته غير عارف بطبيعتها أو قد يكابر المسيء فلا يعترف بذنبه و لا يقر بخطئه و حينئذ يكون
العتاب مطرقة تهشم العلاقة بين المعاتِب و المعاتَب
الإقلال من العتاب أفضل من الإسراف به
في ضوء هذا الإدراك فإن الأقلال من العتاب أفضل من الإكثار منه إذ يتعين إستخدامه في نطاق ضيق و في ظروف تتيح تنوير الموقف أو تطوير
علاقة تنم عن ود و رغبة في الإستمرار في هذه العلاقة
و لكني أبادر إلى القول إن الإقلال منه لا يعني تجنب إضراره فالبشر ليسوا سواسية في الفهم أو في تقبل النقد الموضوعي أو الإعتراف بالخطأ
فالقلة القليلة بل أقل من القليل من يعترف بالخطأ أو الإساءة المرتكبة إزاء الغير و حينئذ قد لا يصيب العتاب هذه القلة و إنما قد يذهب إلى من
يسيء الفهم أو يكابر في رأيه أو موقفه من هنا أطالب بالعزوف عن إستخدامه و الإمتناع عنه مطلقاً لأن الإنسان إما أن يعاتب جاهلاً أو أحمقاً
و حينئذ لا جدوى من عتاب من لا يفهم العتاب أو أن يعاتب المرء رجلاً عاقلاً أو متعلماً و حينئذ لن تكون النتيجة الإيجابية مضمونة إذ الحالة
تحتمل الوجهين
و لكن السياسة المثلى هي الإمتناع عن العتاب
صفوة القول في هذا الشأن أن إنتهاج الحكمة تقتضي التخلي عن سياسة العتاب ، فقد يأمل المرء أن يدرك المسيء ذاتياً إساءته دون ضجيج
فيصلح شأنه و تسير قافلة العلاقات الإجتماعية بهدوء و سلام و بدون عتاب